الصفحة الأولى معلومات عن السفارة الخدمات آخر الأخبار المؤتمر الصحفي الاعتيادي الموضوعات 中文 English
صفحة رئيسية > آخر الأخبار
أصبحت الصين ومصر نموذجًا للتضامن والتعاون والمنفعة المتبادلة مقابلة السفير الصيني بالقاهرة لياو ليتشيانغ مع موقع "القاهرة 24"—— في حوار حول العلاقات الصينية المصرية وقضايا أخرى
2022-04-19 04:41

1- تمر العلاقات المصرية الصينية بمرحلة تطور عظيمة. كيف تنظرون إلى العلاقات المصرية الصينية الحالية؟ وإلى أي مدى تأثرت العلاقات المصرية الصينية بتفشي وباء كوفيد -19؟

أتفق معك كثيرًا ان العلاقة بين البلدين حاليا تمر بمرحلة تطور سريع وملحوظ؛ إن أهم سبب للتطور الشامل والعميق والمستقر للعلاقة بين البلدين هو التخطيط الاستراتيجي والتوجيه الشخصي لقادة الصين ومصر، اللذان اعطا زخم وقوع دفع للعلاقات الصينية المصرية، مما أحدث طفرة في تطور العلاقات بين البلدين، وتعد الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين ومصر حاليا في أفضل حالاتها. في السنوات الأخيرة، تعززت الثقة السياسية المتبادلة بين الصين ومصر، وأسفر التعاون العملي بين الجانبين عن نتائج مثمرة، كما ان هناك العديد من النقاط المضيئة في التعاون المتبادل لمكافحة الوباء بين الجانبين، لذا أصبحت الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين ومصر نموذجًا يحتذى به للتضامن والتعاون وتحقيق المنفعة المتبادلة بين الصين والدول العربية والإفريقية والنامية. وبصفتي سفيرًا للصين في مصر، يسعدني جدًا أن أرى استمرار التعاون الودي بين الصين ومصر على الرغم من تأثير الوباء واستمرار الجائحة، وبعد التعافي البطيء للاقتصاد العالمي وغيرها من التحديات، توطدت العلاقة بين البلدين حتى تجذرت في قلوب الشعبين.

في مواجهة الوباء، لم تتأثر او تتقلص التبادلات رفيعة المستوى بين الصين ومصر. منذ تفشي الوباء، حرص كل من الرئيس الصيني شي جينبينغ والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على التواصل المستمر لتعزيز اتجاه التنمية طويلة الأمد للعلاقات الصينية المصرية. في عام 2021، تقدم الرئيس السيسي، بالتهنئة (عبر إرسال فيديو) إلى الرئيس شي وشعب الصين بمناسبة الذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني. في فبراير 2022، قام الرئيس السيسي بزيارة إلى الصين خصيصا لحضور دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين، معربًا عن دعمه للصين بإجراءات عملية أشادت بها الصين. وقد التقى الرئيس شي بالرئيس السيسي خلال الزيارة وتوصلا إلى توافق هام في مختلف الرؤى، مما ضم زخما قويا جديدا في العلاقات الثنائية بين البلدين. وفي العامين الماضيين، قام مستشار الدولة وزير الخارجية الصيني وانغ يي بالزيارة إلى مصر مرتين، ووقع اتفاقية مع وزير الخارجية المصري سامح شكري بشأن إنشاء لجنة التعاون الحكومية المشتركة بين الصين ومصر، وتوصلا إلى توافق حول صياغة برنامجا تنفيذيا بشأن تعزيز علاقات الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين البلدين خلال السنوات الخمس القادمة.

في مواجهة الوباء، ساعدت الصين ومصر بعضهما البعض، وكتبتا فصلًا جديدًا من الصداقة الصينية المصرية. ومنذ تفشي الوباء، قدمت الصين لمصر أربع دفعات من المساعدات وأربع دفعات من اللقاحات، وساعدت مصر في بناء خط إنتاج الكمامات، ووقعت اتفاقية إنتاج محلية مع مصر لإنتاج اللقاحات الصينية في مصر، وأصبحت مصر الدولة الأولى في القارة الأفريقية التي تتعاون مع الصين لإنتاج لقاحات كوفيد-19.  في نهاية عام 2021، أقيم حفل توقيع اتفاقية لإنشاء مخزن تبريد للقاحات بالتعاون بين سينوفاك الصينية وفاكسيرا، بسعة تخزينية تبلغ 150 مليون جرعة من اللقاحات، والذي بعد اكتماله، سيصبح أكبر مركز لتخزين اللقاحات في إفريقيا. وستوفر الصين لمصر كمية 60 مليون جرعة من اللقاحات لدعم مصر في تحقيق خطة استهداف تطعيم 70% من المواطنين بحلول منتصف العام الجاري.

في مواجهة الوباء، اخترق التعاون العملي الاقتصادي والتجاري بين الصين ومصر الأمواج العالية وحقق نجاحات مبهرة. ترتبط مبادرة "الحزام والطريق" ارتباطًا وثيقًا بـ "رؤية مصر 2030"، كما أن مفهوم البناء المشترك عالي الجودة لـ "الحزام والطريق" متجذر بعمق في مصر. ظلت الصين على مدار ثماني سنوات متتالية أكبر شريك تجاري لمصر، وهي البلد الأكثر نشاطًا في مجال الاستثمار في مصر في السنوات الأخيرة، في عام 2021، ارتفع حجم التجارة الثنائية بين الصين ومصر بنسبة 37٪، وهو ما يعكس بشكل كامل التكامل العالي بين الاقتصادين. اكتمل الهيكل الرئيسي للبرج الأيقونيفي منطقة الأعمال المركزية بالعاصمة الإدارية الجديدة لمصر، والذي تم بناؤه من قبل الشركات الصينية، كما ان مشروع سكة حديد الضواحي "العاشر من رمضان" يسير بسلاسة، ومشروع ابراج مدينة العلمين الجديدة الفائقة، وتم بناء مركز تجميع واختبار الأقمار الصناعية المصرية بمساعدة صينية، وفي الوقت نفسه فان التعاون مع مصر لتنفيذ مشروع القمر الصناعي "مصر سات 2"، قيد التنفيذ، ومن المتوقع أن تطلق مصر القمر الصناعي سات 2 هذا العام. وقد وفرت منطقة التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين ومصر تيدا السويس بشكل مباشر أو غير مباشر فرص عمل لأكثر من 40 ألف مصري. تلك الأرقام والبيانات والمشاريع الاقتصادية والتجارية جاءت لتعزيز التنمية وتحقيق الفائدة لمعيشة الناس واحدة تلو الأخرى، مما يدل بشكل كامل على طبيعة التعاون بين الصين ومصر التي تعتمد على المنفعة المتبادلة والنتائج المربحة للجانبين.

في مواجهة الوباء، اخترقت التبادلات الشعبية والثقافية بين الصين ومصر العقبات، وخلقت نقاط مضيئة.

لقد نقلنا العديد من أنشطة التبادل الثقافي لتكون عبر الإنترنت، بدأت بسلسلة محاضرات بعنوان "الصين في عيون المصريين"، و "رأس السنة الصينية الجديدة"، وغيرها من الأنشطة، كما كان هناك الحفل الموسيقي السحابي "سيمفونية الصداقة"، وكذلك العديد من الأنشطة التفاعلية والمسابقات مثل مسابقة مقال" انا والصين "والتي لاقت ترحيبا حارا من قبل الشعب المصري.

في يناير من هذا العام،ومع بدء العد التنازلي لمدة 10 أيام لافتتاح أولمبياد بكين الشتوي، نظم برج القاهرة، وهو مبنى تاريخي في القاهرة، عاصمة مصر، عرضًا ضوئيًا للاحتفال بتلك المناسبة. في الشهر الماضي قمت بتكريم ثلاثة من الاطفال المصريين المشاركين في مسابقة السفير الثقافي الصغير للصين، والتي تنظمها مؤسسة سونغ تشينغلينغ الصينية ، وهؤلاء الصغار هم جسر للتواصل وسفراء بين البلدين. وانا استعد حاليا للمشاركة في حفل رمضان الخيري الذي تنظمه الغرفة التجارية المصرية الصينية يوم السادس عشر من ابريل. أقامت غرفة التجارة المصرية الصينية سبع دورات متتالية من الانشطة الخيرية في شهر رمضان،وقد تم التبرع بأكثر من 10000 كرتونة رمضانية، استفادت منها حوالي 40 أسرة فقيرة، ليصبح نشاطاً منتظماً تقوم به الشركات الصينية في مصر للوفاء بمسؤولياتها الاجتماعية في مصر، مما يعكس ويبرز مشاعر الصداقة بين الشعبين.

بالإضافة إلى ذلك، فإن تعزيز العلاقات الودية الشعبية بين الصين ومصر هو أيضا أهم أهداف جمعية الصداقة المصرية الصينية. جمعية الصداقة المصرية الصينية بقيادة رئيسها السفير والي، جمعت لفيف من السفراء السابقين وغيرهم من الأصدقاء، وقدقامت جمعية الصداقة المصرية الصينية بتوسيع دائرة الصداقة المصرية الصينية،وأقامت أنشطة فعالة مثل "ندوة الاحتفال بالذكرى ال72 لتأسيس جمهورية الصين الشعبية" واجتماع اللجنة التنفيذية الثالثة عشر لاتحاد الصداقة العربية الصينية وغيرها من الأنشطة، حيث قدمت الصين الحقيقية للشعب المصري، وأوضحت صورة الصين الجديرة  بالثقة والاحترام للشباب الصغير في مصر.

في مواجهة الوباء، تدعم الصين ومصر بقوة المصالح الجوهرية والرئيسية لبعضهما البعض، وتنسقان وتتعاونان بشكل وثيق في الشؤون الدولية والإقليمية. يشهد العالم اليوم تغيرات كبيرة لم نشهدها منذ قرن من الزمان. تشترك الصين ومصر في مفاهيم واستراتيجيات متشابهة فيما يتعلق بالدفاع عن مصالحهما، والسعي لتحقيق التنمية المشتركة، وتعزيز رفاهية الشعب، وتعزيز العدالة في العالم، كما تلتزمان بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخر، ودعم التعددية، ومعارضة تسيس قضايا حقوق الإنسان، ومعارضة الأحادية، وتعزيز بناء نوع جديد من العلاقات الدولية.

يصادف هذا العام الذكرى الـ 66لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين ومصر. على مدى السنوات الـ 66 الماضية، أقامت الصين ومصر أخوة لا تنفصم في النضال من أجل حماية الاستقلال الوطني وتحسين الذات، وشرعتا في طريق التعاون وحققتا نقاط مضيئة في رحلة التنمية والإنعاش، وكتبتا فصلاً رائعًا من المساعدة المتبادلة في خضم التغييرات المعقدة وقدمتا مثالًا رائعًا لبناء نوع جديد من العلاقات الدولية. لطالما وضعت الصين علاقتها مع مصر كأولوية في دبلوماسيتها مع الشرق الأوسط وإفريقيا، وهي على استعداد للعمل مع مصر للتحرك بحزم نحو هدف بناء مجتمع صيني-مصري ذي مستقبل مشترك في العصر الجديد، ودفع العلاقات الصينية المصرية إلى آفاق جديدة.

2-ما هي أوجه التعاون بين الصين ومصر في مجال التنمية المستدامة؟

من خلال التكامل العميق بين مبادرة الحزام والطريق و "رؤية مصر 2030”، تواصل الصين ومصر ابتكار أشكال التعاون وتوسيع مجالات التعاون فيما بينهما،مما يظهر قوة دفع جيدة للتعاون المستمر. ستواصل الصين تعزيز التنمية الخضراء والمنخفضة الكربون، وتعزيز التعايش المتناغم بين الإنسان والطبيعة، ويتوافق ذلك معاستراتيجية مصر الوطنية لتعزيز التحول الأخضر للطاقة والهيكل الصناعي وتحقيق التنمية المستدامة. في نوفمبر 2021، وقعت الهيئة القومية للاستشعار من البعد وعلوم الفضاء المصرية ومعهد الموارد الزراعية والتخطيط الإقليمي الصيني على مذكرة تفاهم للتعاون في الزراعة الذكية، إيذانًا بالتوسع في التعاون المصريالصيني في مجال الزراعة. في ديسمبر 2021، تم التوقيع على مشروع "التعاون الأخضر" بين الجانب المصري ومجموعة ويتشايالصينية، والتي ستساعد الحكومة المصرية في أعمال مشروع التحول من "النفط إلى الغاز" لـ 240 ألف حافلة صغيرة في مصر، مما يساعد مصر في تنفيذ مبادرة "التنمية الخضراء “. كما أنشأت جامعة نينغشيا وجامعة عين شمس مختبرًا ذكيًا للري موفرًا للمياه. يوفر نظام الري الذكي هذا أكثر من 20 ٪ من المياه مقارنة بالتقنيات العادية. وسيعزز ويدعم تنمية الزراعة الموفرة للمياه في مصر وتحسين القدرة الإنتاجية الشاملة للزراعة.

تستضيف مصر نهاية العام مؤتمر الأطراف السابع والعشرين (COP 27) التابع لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ وقد أعرب مستشار الدولة وزير الخارجية الصيني وانغ يي خلال لقائه بوزير الخارجية المصري سامح شكري- على هامش اجتماع وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي -عن دعم الصين لمصر لعقد الاجتماع بشكل جيد ، وان الصين مستعدة  لتعزيز التواصل والتنسيق مع مصر ، وان تستغل الذكرى الثلاثين للاتفاقية تلك كفرصة للتعبير عن التزاماتها  بمبدأ المسؤوليات المشتركة ولكن المتباينة ، وتعزيز التنفيذ الكامل والفعال للاتفاقية ، وضمان أن الاستجابة العالمية لتغير المناخ تتحرك في الاتجاه الصحيح ، لا سيما في مساعدة البلدان النامية على تحقيق الانتعاش الأخضر والتنمية المستدامة.

ان الصين على استعداد لمواصلة تعزيز التعاون الأخضر مع مصر، وتطوير الطاقة الشمسية وطاقة الرياح ومصادر الطاقة المتجددة الأخرى بقوة، ومواصلة تشجيع ودعم الشركات الصينية للمشاركة بنشاط في مشروعات التنمية الخضراء في مصر، وتقديم الدعم العملي في مجال التكنولوجيا وبناء القدرات، ومساعدة مصر على تحقيق التحول الى الطاقة الخضراء منخفضة الكربون للتصدي المشترك للتحديات التي يفرضها تغير المناخ.

من ناحية أخرى، تولي الصين أهمية كبيرة للتعاون مع مصر في تشييد البنية التحتية وتدريب الموظفين، حتى يشعر الشعب المصري بشكل ملموس بنتائج المشاركة والمكاسب الذي يجلبها التعاون الصيني المصري، والتي تهدف لتعزيز التنمية المستدامة لمصر. قدمت ورشة عمل لوبان ومدرسة التكنولوجيا التطبيقية بجامعة قناة السويس التي أنشأناها بشكل مشترك تدريبًا على المهارات المهنية للشباب المصري. منذ عام 2016، شارك أكثر من 3000 مسؤول مصري في البرنامج التدريبي الصيني لبناء القدرات. كما أنشأت 75 جامعة وهيئة حكومية مصرية أكاديمية Huawei ICT، التي دربت أكثر من 15000 شاب مصري، وقدمت مساهمات مهمة في استقرار الاقتصاد المحلي وتحسين معيشة الناس. كما ساعدت شركة هواوي القرى الواقعة في المناطق النائية للصحراء وفي جزر البحر الأحمر، في تركيب مرافق اتصالات عالية الجودة لربط السكان المحليين بالعالم الخارجي. تقدم الشركات الصينية خدمات حفر الآبار العميقة في واحة سيوة ويهدف الجانب المصري حفر بئر عميقة بعمق حوالي 1200 متر حتى يتمكن السكان المحليون من استخدام مصادر مائية كافية ومستقرة وعالية الجودة؛وفي الوقت الحاضر، تم الحفر حتى عمق يزيد عن 400 متر.في وقت سابق ، أتمت الشركات الصينية أعمال حفر العديد من الآبار في محافظتي المنيا والوادي الجديد وغيرها من المناطق. انني على ثقة أن التعاون العملي رفيع المستوى بين الصين ومصر سيعود بالفائدة على الشعب المصري وسيجلب لهم المزيد من الرفاهية والمكاسب المختلفة.

3- الأزمة الروسية الأوكرانية مستمرة منذ ما يقرب من شهرين، كيف ترى الصين طريق حل الأزمة؟

الجليد السميك لم يشكل في يوم واحد. إن الأسباب وراء ما وصلت إليه الأوضاع الأوكرانية اليوم معقدة ومتشابكة. ان موقف الصين الأساسي من القضية الأوكرانية هو بذل المساعي الحميدة ودفع المفاوضات.  لقد طرح الرئيس الصيني شي جينبينغ "الضرورات الأربعة"، أي ضرورة احترام السيادة وسلامة الأراضي لكافة الدول، وضرورة الالتزام بجميع مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وضرورة الاهتمام بالشواغل الأمنية المعقولة لكافة الدول، وضرورة دعم جميع الجهود التي تساهم في حل الأزمة سلميا، وهذا قد يوضح بوضوح موقف الصين الرسمي بشأن القضية الأوكرانية. وهو يمثل توجيهنا المهم لمواجهة التحديات الحالية. الحفاظ على السلام ومعارضة الحرب من التقاليد التاريخية والثقافية للصين وهي سياستنا الخارجية الثابتة.  فيما يتعلق بالقضية الأوكرانية، لا تسعى الصين إلى تحقيق مصالح ذاتية جيوسياسية، ولن تقوم بأعمال إشعال للموقف؛ هناك هدف واحد نتطلع إليه بصدق، وهو السلام!

يرى الجانب الصيني أولا تلتزم الصين بالاتجاه الصحيح لتعزيز محادثات السلام. تصر الصين على أن الحوار والتفاوض هما الحلان الوحيدان، وتعارض صب الزيت فوق النار وتكثيف الصراع، وتدعو إلى وقف إطلاق النار وتدعم المحادثات المباشرة بين روسيا وأوكرانيا. ويتعين على المجتمع الدولي مواصلة تهيئة الظروف الملائمة والبيئة المواتية للمفاوضات بين روسيا وأوكرانيا وإفساح المجال للتسوية السياسية.  تواجه المفاوضات الحالية تقلبات وتحولات وصعوبات، ولكن طالما استمرت المفاوضات، نحن على ثقة انه ستكون هناك إمكانية لوقف إطلاق النار وتحقيق امل السلام.

ثانيا: تصر الصين على ضرورة منع العودة إلى عقلية الحرب الباردة. إن الصين لا توافق على المواجهة بين المعسكرات، ما يعني أن تكون مختلف الدول إما أصدقاء أو أعداء. وبدلا من ذلك، تلتزم الصين بدفع التضامن الدولي، والدعوة إلى مفهوم الأمن المشترك والتعاوني والشامل والمستدام، مع احترام ومعالجة الشواغل المشروعة لجميع الأطراف، والرفض المشترك لإحياء عقلية الكتل المتنافسة ومعارضة المحاولات الرامية إلى حرب باردة جديدة، وذلك بهدف الحفاظ على السلام والاستقرار العالميين.

ثالثًا: تدعم الصين الجهود للدفاع عن الحقوق والمصالح المشروعة لجميع الدول. تعارض الصين العقوبات الأحادية الجانب التي تنتهك القانون الدولي، وتدعو إلى حماية سلاسل التصنيع والإمداد الدولية لتجنب الإضرار بالتبادلات الاقتصادية والتجارية العادية وحياة الناس. يجب التعامل مع أزمة أوكرانيا بشكل صحيح. ينبغي للمرء ألا يأخذ الدواء الخطأ، وألا يركز على جانب واحد فقط من القضية دون النظر إلى البقية، وألا يجعل العالم بأسره رهينة، ناهيك عن التسبب في معاناة الأشخاص العاديين في جميع أنحاء العالم نتيجة لذلك. كلما كان الموقف أكثر خطورة، زادت الحاجة إلى رجاحة العقل. إن التكوين الاقتصادي العالمي الحالي هو نتيجة جهود طويلة الأمد من قبل جميع البلدان. إنه كل متكامل. يجب على الأطراف أن تعتز بهذه النتيجة، ويجب ألا تدع النظام الاقتصادي العالمي يتعطل وقتما تشاء، ناهيك عن السماح بمحاولات تسييس أو تسليح الاقتصاد العالمي كأداة لخدمة أجندات خاصة، لأن مثل هذه المحاولات ستؤدي إلى أزمات خطيرة في التمويل العالمي، والتجارة، والطاقة والتكنولوجيا، والغذاء، وسلاسل الصناعة والإمداد، من بين أمور أخرى.

وبصفتها عضوا دائما في مجلس الأمن، فإن الصين تشكل دائما موقفها وسياستها وفقا لخصائص الأمر نفسه، كما تعمل بطريقتها الخاصة لتهدئة الوضع وتحقيق السلام في وقت مبكر. لقد أجرى الرئيس الصيني شي جينبينغ عدة مكالمات هاتفية مع قادة مختلف البلدان وشرح بشكل شامل موقف الصين المبدئي بشأن قضية أوكرانيا. قدم الجانب الصيني موقفًا من خمس نقاط واقتراحًا من ست نقاط للتخفيف من الأزمة الإنسانية، اننا نسعى ان يساهم الصوت الصيني والحكمة الصينية في نزع فتيل الأزمة وتخفيف الوضع.  وقد أجرى مستشار الدولة وزير الخارجية الصيني وانغ يى تبادلات مكثفة مع وزراء الخارجية حول القضية الأوكرانية. وأعربت جميع الأطراف عن تفهمها لموقف الصين وأدلت بتعليقات إيجابية حول دور الصين.

بالإضافة إلى ذلك، تقدم الصين المساعدات الإنسانية لأوكرانيا والبلدان المتضررة الأخرى. قدمت جمعية الصليب الأحمر الصينية حتى الآن ثلاث دفعات من المساعدات الإنسانية لأوكرانيا. من بينها، الدفعة الثالثة من الإمدادات تركز على مساعدة الصليب الأحمر الأوكراني لمساعدة الأطفال النازحين المتضررين من النزاع. كما قررت الحكومة الصينية تزويد أوكرانيا بدفعة أخرى من المساعدات الإنسانية بقيمة 10 ملايين يوان. تلك المساعدة الإنسانية الصينية المضافة حديثًا إلى أوكرانيا هي بسبب تطور الوضع والاحتياجات الفعلية هناك. ستواصل الصين لعب دور بناء في تهدئة الوضع في أوكرانيا وهي على استعداد لبذل جهودها الخاصة للتغلب على الأزمة الإنسانية.

4- مصر والدول النامية الأخرى تتابع عن كثب تطورات الوضع بين روسيا وأوكرانيا، كما تلعب مصر دورًا فاعلًا في تعزيز السلام والمحادثات، ما رأيك في ذلك؟

تتطور الأزمة الأوكرانية إلى ما هو أبعد من نفسها، مع انتشار آثارها في جميع أنحاء العالم. فيما يتعلق بهذه القضية، فإن معظم الدول، بما في ذلك الصين ودول نامية أخرى، لديها مخاوف مشروعة ومواقف مماثلة.

يعتقد الجميع بشكل عام أن: أولاً، التعامل مع القضايا الساخنة الدولية والإقليمية ليست الحرب او العقوبات هما الخيار الوحيد، فالحوار التفاوض هما الحلان الأساسيان، وفي ظل الوضع الحالي يجب أن نتمسك بهذا الاتجاه. ثانياً، لا ينبغي تقويض زخم الانتعاش الاقتصادي العالمي.  ستؤدي العقوبات الأحادية المتصاعدة إلى كسر السلسلة الصناعية وسلسلة التوريد العالمية، مما سيؤثر على حياة الناس في مختلف البلدان.  إن شعوب جميع البلدان ليست مسؤولة عن دفع فواتير الصراعات الجيوسياسية وألعاب القوى العظمى. ثالثًا، لكل الدول الحق في تقرير سياساتها الخارجية بشكل مستقل ولا ينبغي إجبارها على الانحياز إلى أحد الجانبين. عند التعامل مع القضايا المعقدة ووجهات النظر المتباينة، لا يتعين على أحد أن يختار النهج المفرط في التبسيط المتمثل في تقسيم الأطراف والمواقف إلى “صديق أو عدو" و"أبيض أو أسود"؛ ومن المهم على نحو خاص مقاومة عقلية الحرب الباردة ومعارضة المواجهة بين الكُتل. رابعا، يجب احترام الاستقلال السيادي وسلامة أراضي جميع البلدان في جميع الأوقات. يجب أن يطبق هذا المبدأ على جميع الدول والمناطق، ولا ينبغي أن يكون هناك استثناءات، ناهيك عن الأخذ بمعايير مزدوجة.

لقد لاحظت أن الرئيس السيسي تحدث إلى قادة الدول المعنية وأكد مرارًا على ضرورة حل النزاع بين روسيا وأوكرانيا من خلال الحوار والدبلوماسية، الأمر الذي لعب دورًا إيجابيًا في دفع السلام وتعزيز المحادثات. كما تابعت الزيارة التي كانت بقيادة الأمين العام أبو الغيط لوفد مجموعة الاتصال التابعة لجامعة الدول العربية بشأن أوكرانيا، والتي منبينها مصر، الى روسيا وبولندا. حيث أعرب وزير الخارجية المصري  سامح شكري عن قلق الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية من الوضع الإنساني الراهن في مناطق الصراع والتأثير السلبي للصراع على الاقتصاد العالمي بما في ذلك الطاقة والغذاء وأعرب عن امله في إنهاء المواجهات العسكرية في أسرع وقت ممكن والتوصل إلى حل سلمي.

5- هل يمكنك التعليق على الوضع الحالي للعلاقات الصينية الأمريكية؟  كيف تعاملت الصين مع الولايات المتحدة بشأن مسألة تايوان؟

منذ عام 2021، عقد الرئيس الصيني شي جينبينغ اجتماعين بالفيديو ومكالمتين هاتفيتين مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، كما أجرى الجانبان حوارات وتبادلات على مختلف المستويات. في مكالمة عبر الفيديو كونفرانس بين الرئيس الصيني شي جينبينغ والرئيس بايدن في مارس من هذا العام، أكد الرئيس بايدن مجددا أن الولايات المتحدة لا تسعى إلى "حرب باردة جديدة" مع الصين، ولا تسعى إلى تغيير النظام في الصين، وإن تنشيط تحالفاتها لا يستهدف الصين، ولا  تدعم الولايات المتحدة "استقلال تايوان"، وليست لديها نية للسعي إلى صراع مع الصين. إن الجانب الأمريكي على استعداد لإجراء حوار صريح مع الجانب الصيني والقيام بتعاون أوثق معه، والتمسك بسياسة الصين الواحدة، وإدارة الخلافات والسيطرة عليها بشكل فعاّل، بما يضمن التطور المستقر للعلاقات الأمريكية الصينية.

ومن جانبه أكد الرئيس الصيني شي جينبينغ أنه يهتم بتصريحات الرئيس بايدن اهتماما بالغا. أكد الرئيس الصيني شي جينبينغ أنه والسيد الرئيس يشاركان الرأي بشأن ضرورة الاحترام المتبادل والتعايش السلمي بين الصين والولايات المتحدة وتجنب المواجهة، وضرورة زيادة التواصل والحوار بين الجانبين على كافة المستويات وفي كافة المجالات. باعتبارهما عضوين دائمين في مجلس الأمن الدولي وأكبر اقتصادين في العالم، عليهما أن يقودا تطور العلاقات الصينية الأمريكية إلى الأمام في مسارها الصحيح، ليس هذا فحسب، بل أيضا عليهما أن يتحملا المسؤولية الدولية المطلوبة ويبذلا جهودا من أجل السلام والأمن في العالم.

يرى الجانب الصيني أن المنافسة بين الدول الكبرى لا تمثل عنوان العصر، وأن اللعبة الصفرية المحصلة ليست الخيار الصحيح. في عصر العولمة الذي يعتمد فيه الجميع على بعضهم البعض، يعتبر إيجاد الطريق الصحيح للتعامل فيما بين الصين والولايات المتحدة وهما دولتان كبيرتان، موضوعا لم يسبق له مثيل في المجتمع البشري، كما هو جاء بمثابة معادلة رياضية لا بد للبلدين من حلها بشكل مشترك. توجد خلافات بين الصين والولايات المتحدة في الماضي والحاضر، وستكون بينهما خلافات في المستقبل أيضا. المهم هو إدارة الخلافات والسيطرة عليها. من مصلحة الجانبين أن تبقى العلاقات الصينية الأمريكية على تطور مستقر.

 يصادف هذا العام الذكرى الـ50 لإصدار "بيان شانغهاي". استعراضا للتاريخ، نجد أن الجانبين الصيني والأمريكي قاما باستبدال المواجهة بالتعاون مع التمسك بروح السعي إلى الآراء المشتركة وترك الخلافات جانبا، مما عاد بالخير على شعبي البلدين، وساهم في تدعيم السلام والازدهار في العالم. استشرافا للمستقبل، يجب على الجانبين إحياء غايتهما الأصلية لتذويب الجليد، والانطلاق من الجديد، واستبدال "قاعدة الأثلاث" المتمثلة في المنافسة والتعاون والمواجهة بـ"المبادئ الثلاثة" المتمثلة في الاحترام المتبادل والتعايش السلمي والتعاون المبني على الكسب المشترك، والدفع بإعادة السياسة الأمريكية تجاه الصين إلى المسار الصحيح العقلاني والعملي، وإعادة العلاقات الصينية الأمريكية إلى طريقها المستقيم للتطور السليم والمستقر.

فيما يتعلق بمسألة تايوان، أود أن أؤكد أنه لا يوجد في العالم سوى صين واحدة، وتايوان جزء لا يتجزأ من أراضي الصين. مسألة تايوان هي من توابع الحرب الأهلية في الصين.  إن كيفية حل مسألة تايوان شأن داخلي للصين، ولا يحق لأي دولة أجنبية التدخل. وأريد التأكيد على ان تصميم وإرادة الشعب الصيني على حماية سيادته ووحدة أراضيه لا يتزعزعان. نحن على استعداد للسعي من أجل إعادة التوحيد بشكل سلمي، لكننا نحتفظ بخيار اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة ضد تدخل القوى الخارجية والقلة القليلة جدًا من حركة "استقلال تايوان" وأنشطتهم الانفصالية.

لقد اعترف الجانب الأمريكي بوضوح في البيانات الثلاثة المشتركة بين الصين والولايات المتحدة بأن هناك صينًا واحدة فقط. إن مبدأ صين واحدة هو أساس إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والولايات المتحدة، وهو أيضًا الأساس السياسي للعلاقات الصينية الأمريكية. حول مسألة تايوان، تعهدت الحكومة الأمريكية الحالية أيضًا بالالتزام بسياسة صين واحدة وعدم دعم "استقلال تايوان"، ولكن من الواضحأن أفعالها تتعارض مع بيانها. ففي الآونة الأخيرة، هناك تقارير إعلامية تفيد بأن رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي تخطط لزيارة تايوان. إذا زارت بيلوسي تايوان عن قصد، سيكون ذلك استفزازًا خبيثًا ضد سيادة الصين وتدخلًا صارخًا في الشؤون الداخلية لها، وسيرسل ذلك إشارة سياسية خطيرة للغاية إلى العالم الخارجي. فيما يتعلق بقضية أوكرانيا، تحث الولايات المتحدة على احترام سيادة ووحدة وسلامة أراضي أي بلد، ولكن فيما يتعلق بمسألة تايوان، فإنها تدهس بشكل صريح على الخط الأحمر لمبدأ صين واحدة، وهو معيار مزدوج صارخ. تعارض الصين ذلك بشدة وقدمت احتجاج شديد اللهجة للولايات المتحدة.


Suggest to a friend:   
Print