في 16 أكتوبر، اتجهت أنظار العالم الى قاعة الشعب الكبرى ببكين حيث افتتاح المؤتمر الوطني العشرين للحزب الشيوعي الصيني. وأعلن الأمين العام شي جينبينغ رسميًا أنه من الآن فصاعدًا، صارت المهمة المحورية للحزب الشيوعي الصيني هي الاتحاد مع أبناء الشعب بمختلف قومياتهم في كل البلاد وقيادتهم لإنجاز بناء دولة اشتراكية حديثة قوية على نحو شامل وتحقيق هدف الكفاح الواجب إنجازه عند حلول الذكرى المئوية لتأسيس جمهورية الصين الشعبية، ودفع النهضة العظيمة للأمة الصينية على نحو شامل بالتحديث الصيني النمط.

سرعان ما أصبح “التحديث الصيني النمط" كلمة رئيسية تجذب انتباه العالم، وأشاد المجتمع الدولي بأن التحديث الصيني النمط قد أحدث "معجزة حقيقية في تاريخ التنمية البشرية"، وأنه "عمل رائد في تنمية المجتمع البشري"، وأنه "يوفر خيارًا جديدًا للبشر لتحقيق التحديث". إذا، أي نوع من التحديث هو " التحديث الصيني النمط “؟

التحديث الصيني النمط هو التحديث الاشتراكي تحت قيادة الحزب الشيوعي الصيني، فهو يتسم بالصفات المشتركة للتحديث في مختلف البلدان، ويتميز على وجه الخصوص بالخصائص الصينية القائمة على ظروف الصين الواقعية. اولا: التحديث الصيني النمط هو تحديث يغطي حجما سكانيا هائلا. وبعد دخول 1,4 مليار نسمة من سكان بلادنا بأسرهم في المجتمع الحديث، يتجاوز حجمه السكاني مجموع تعداد سكان البلدان المتطورة حاليا وسيغير تمامًا خريطة العالم للتحديث، وهو حدث رئيسي له تأثير بعيد المدى في تاريخ البشرية. ثانيا: التحديث الصيني النمط هو تحديث يتمتع فيه أبناء الشعب كافة برخاء مشترك. يعد تحقيق الرخاء المشترك المطلب الجوهري للاشتراكية ذات الخصائص الصينية، حيث التصدي بوعي للتباينات الإقليمية، والتفاوتات بين المناطق الحضرية والريفية، والتفاوتات في توزيع الدخل، وتعزيز العدالة الاجتماعية، وتحقيق الرخاء المشترك تدريجياً لجميع الناس، ومنع الاستقطاب بشكل حازم. ثالثًا: التحديث الصيني النمط هو تحديث يحقق التوافق بين الحضارتين المادية والمعنوية. يلتزم التحديث الصيني النمط بالقيم الأساسية للاشتراكية، ويعزز التوعية بالمثل العليا والعقيدة، ويعزز الثقافة الصينية التقليدية الممتازة، ويعزز القوة الروحية للشعب، وتعزيز الإثراء الشامل للأشياء والتنمية الشاملة للناس. رابعًا: التحديث الصيني النمط هو تحديث يتعايش فيها لإنسان والطبيعة بانسجام ووئام. يولي تحديث الصين أهمية كبيرة لإحراز التقدم في بناء الحضارة المادية وبناء الحضارة البيئية معًا، ويسلك طريق التنمية المتحضرة المتميزة بنمو الإنتاج ورخاء المعيشة وحسن البيئة الإيكولوجية، خلاف ذلك، فإن الضغط على الموارد والبيئة سيصبح لا يحتمل.خامسا: التحديث الصيني النمط هو تحديث يسلك طريق التنمية السلمية. لقد سلكت بعض الدول الرأسمالية القديمة طريق النهب والاستعمار لتحقيق المصالح الذاتية والتحديث على حساب تخلف البلدان الأخرى. ولكن التحديثالصينيالنمطيؤكد على المنفعة المتبادلة والنتائج المربحة مع جميع دول العالم، ويعزز بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية، ويسعى جاهدًا للمساهمة في السلام والتنمية للبشرية.

إن مسار التحديث الصيني النمط، كمسار غير عادي للدول النامية لتحقيق التحديث، له أهمية خاصة بالنسبة للصين والعالم.

أولاً، نجحت أكبر دولة نامية في العالم في تطوير التحديث وتوسيعه. باعتبارها أكبر دولة نامية في العالم، فإن أحد الخصائص الوطنية الأساسية الخاصة بالصين هو عدد سكانها الضخم. وأصبحت كيفية انتشال الفقراء من الفقر هي مشكلة صعبة يجب حلها في عملية التحديث في الصين الجديدة. ومن أجل حل مشكلة الفقر، قاد الحزب الشيوعي الصيني الشعب في نضال مستمر لا يتوقف، وبذل الجهود المضنية. وبالأخص ومنذ انعقاد المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني، تم انتشال أكثر من 10 ملايين شخص في الصين من براثن الفقر كل عام، أي ما يعادل عدد سكان دولة متوسطة الحجم. وخلال تجمع للاحتفال بإنجازات البلاد في القضاء على الفقر المدقع والإشادة بجهود الأفراد المتميزين في فبراير 2021، أعلن الأمين العام شي جينبينغ رسميًا للعالم: "اليوم، قد حققت الصين "انتصارا كاملا" في معركتها ضد الفقر، حيث تم انتشال نحو مئة مليون من سكان الريف الذين يعيشون تحت خط الفقر بالمعايير القائمة حاليا من الفقر. وتمت إزالة جميع المحافظات الفقيرة البالغ عددها ثمانمائة واثنين وثلاثين محافظة ومائة وثمانية وعشرين ألف قرية فقيرة من قائمة الفقر.

وقد تم التغلب على الفقر الإقليمي العام، واكتملت المهمة الشاقة المتمثلة في القضاء على الفقر المدقع، مما خلق معجزة أخرى على الأرض تسطع في حوليات التاريخ! " هذا لا يعني فقط أن مشكلة الفقر المدقع التي ابتليت بها الأمة الصينية منذ آلاف السنين قد تم حلها تاريخيًا، وأن ذلك ساهم مساهمة رئيسية في تحقيق هدف ومهمة بناء مجتمع رغيد الحياة على نحو شامل، بل هذا يعني أيضًا أن الصين قدمت إسهامًا كبيرًا في قضية الحد من الفقر العالمي، واسهامات كبرى لضمان التنمية المستدامة في العالم.

ثانيا: إثراء دلالة التحديث وخلق مسار تنموي يختلف عن مسار التحديث الغربي. لطالما كان يُنظر إلى مسار التصنيع في الدول الغربية على أنه الدلالة النموذجية للتحديث، مما كان له أثر على إدراك وممارسة التحديث في البلدان النامية لفترة طويلة. بعد تأسيس الصين الجديدة، قاد الحزب الشيوعي الصعب الصيني في مسيرة شاقة لاستكشاف طريق تحديث الصين، وبذل جهودا دؤوبة لتحقيق أهداف "أربع عمليات تحديث ". وبعد تحقيق الإصلاح والانفتاح، واصلنا دفع عملية التحديث الاشتراكي وفق إستراتيجية "الثلاث خطوات". وقد حققت على التوالي أهداف التنمية المتمثلة في حل مشكلة المعيشة الأساسية للشعب وتحقيق الرخاء العام. ومن هنا تحقق هدف بناء مجتمع رغيد الحياة على نحو شامل خلال جهود العقدين الأولين من هذا القرن.

أشار المؤتمر الوطني العشرين للحزب الشيوعي الصيني إلى أن بناء دولة اشتراكية حديثة قوية سينجز على نحو شامل طبقا للترتيبات الإستراتيجية العامة على خطوتين: الأولى من عام 2020 إلى عام 2035، وسيتحقق فيها التحديث الاشتراكي من حيث الأساس؛ والثانية من عام 2035 حتى منتصف القرن الحالي، وسوف ينجز فيها بناء بلادنا لتصبح دولة اشتراكية حديثة قوية ومزدهرة وديمقراطية ومتحضرة ومتناغمة وجميلة.

لقد أكد الأمين العام شي جينبينغ: "إنه لا يوجد نموذج ثابت لمسار التحديث، والطريق الذي يناسب أي بلد يخدمه بشكل جيد، وبتر جزء من القدم لتتناسب مع الحذاء أمر عديم الجدوى". ويلتزم الحزب الشيوعي الصيني بالاستقلال ويتبع مساره الخاص بثبات لا يتزعزع، فهو لا يتبع فقط القوانين العامة لتطوير التحديث، بل يمنح التحديث أيضًا دلالات جديدة، ويسعى جاهدًا لاستكشاف مسار جديد للتحديث يتوافق مع الظروف الوطنية للصين ويكون ذي خصائص صينية. مثل هذا المسار الجديد للتحديث لا يثري معنى التحديث فحسب، بل يتجاوز أيضًا المسار الغربي للتحديث ويخلق شكلاً جديدًا من الحضارة الإنسانية.

ثالثًا: تعزيز ثقة البلدان النامية في التحديث بشكل مستقل. إن تحقيق التحديث هو الهدف المنشود للغالبية العظمى من البلدان النامية. بصفتها أكبر دولة نامية في العالم، نجحت الصين في استكشاف مسار جديد للتحديث يتميز بخصائصه الصينية، وخلقت معجزة للتنمية الاقتصادية السريعة والاستقرار الاجتماعي طويل الأجل.

يعتمد نمط التحديث الجديد على الظروف الوطنية الخاصة بالصين، إذ تؤكد استقلالية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والتمسك بقوة بمبادرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، كما أنها تتوافق مع اتجاه العولمة الاقتصادية، وتشارك بنشاط في عملية العولمة الاقتصادية وتعززها، وتندمج في الاقتصاد العالمي ، وهي لا تتماشى فقط مع الوضع الفعلي للصين ، ولكنها تعكس أيضًا قوانين البناء الاشتراكي وتنمية المجتمع البشري ، لذلك فهي تنتمي إلى كل من الصين والعالم. إنجازات وخبرات كبيرة في التحديث في دولة نامية يزيد عدد سكانها عن 1.4 مليار نسمة، لم تثبت نظريًا وعمليًا فقط أن التحديث الصيني النمط ممكن تحقيقه، ولكن عززت الثقة الكبيرة للبلدان النامية في عملية التحديث، كما إنها توفر خيارًا جديدًا لتلك الدول في العالم التي ترغب في تسريع التنمية مع الحفاظ على استقلالها في نفس الوقت.

لقد أثبتت الممارسة أنه لا يوجد نموذج تحديث أحادي الاتجاه ولا معيار تحديث واحد يناسب الجميع في العالم. وأننا نعتقد أنه يجب على كل دولة ان تستكشف بشكل مستقل للحوكمة الخاصة بها وفقًا لظروفها الوطنية، ومن هنا يجب احترام كل استكشاف مسؤول. تعلق الصين أهمية كبيرة على تعزيز التبادلات والحوار على أساس طوعي، حيث لا "استيراد" للنماذج الأجنبية ولا "تصدير" للنموذج الصيني. اننا نولي أهمية كبيرة للتعلم من بعضنا البعض، وتبادل الأفكار والاستكشافات من خلال الحوار. في السنوات الأخيرة وتحت القيادة الحكيمة للرئيس السيسي، استجابت مصر بشكل سريع وتعاملت بشكل جيد مع ازمة الوباء، وتقدمت بثبات لتحقيق "رؤية 2030”، ومبادرة "حياة كريمة"، واستراتيجية "مصر الرقمية"، و "الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ 2050”،وحققت إنجازات جديدة في رحلة بناء "الجمهورية الجديدة".

تسير مصر قدما على طريق الاستكشاف المستقل للتنمية الوطنية، ونحن على استعداد لمواصلة تعزيز التبادلات في مجال الحكم والإدارة مع البلدان في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك مصر، لتعزيز قدرات الحوكمة الخاصة بكل دولة، والتعزيز المشترك لتحسين فعالية الحوكمة العالمية، والاستمرار في تقديم مساهمات أكبر لتقدم التنمية البشرية جمعاء.