1. س: هل يمكنكم تسليط الضوء على القمة الـ16 لمجموعة بريكس المنعقدة مؤخرا في قازان بروسيا ونتائجها؟
ج: في الفترة ما بين يومي 22 و24 أكتوبر، حضر الرئيس الصيني شي جين بينغ القمة الـ16 لمجموعة بريكس المنعقدة في قازان بروسيا. خلال هذه الفترة، حضر الرئيس شي جين بينغ المحادثات المصغرة والموسعة لقادة بريكس، والحوار بين قادة "بريكس+"، وعمل مع كافة الأطراف الحاضرة على تسجيل صفحة جديدة من التضامن والتقوية الذاتية بين دول بريكس، وفتح آفاق جديدة للتنمية والازدهار للجنوب العالمي. كما حضر القمة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وهي المرة الأولى التي حضرت مصر فيها قمة مجموعة بريكس كعضو رسمي. والتقى الرئيس شي جين بينغ مع الرئيس عبد الفتاح السيسي وغيره من القادة الأجانب، لتبادل الآراء بشكل معمق حول القضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وتم التوصل إلى العديد من التوافقات الجديدة. واستوعبت القمة دعوات الصين المهمة، وأصدرت "إعلان قازان"، وأكدت على أهمية بناء نظام دولي أكثر تمثيلا وعدلا، والدفع بتحقيق التنمية المستدامة والنمو الشامل، وتعميق الشراكة الاستراتيجية بين دول بريكس، وإرشاد الجنوب العالمي نحو التقوية الذاتية من خلال التضامن، بما يعود بالخير على شعوب الدول.
2. س: تعد قمة قازان أول قمة بعد توسع مجموعة بريكس. في نقطة الانطلاق الجديدة، كيف تحدد مجموعة بريكس اتجاهها وكيف تقدم المزيد من المساهمة للحوكمة العالمية؟
ج: في قمة جوهانسبرج العام الماضي، نجح الرئيس شي جين بينغ وغيره من قادة بريكس في تحقيق التوسع التاريخي لمجموعة بريكس. في 1 يناير من العام الجاري، انضمت مصر وغيرها من الدول إلى المجموعة بشكل رسمي، مما فتح صفحة "تعاون بريكس الموسع". بعد التوسع، تمتلك دول بريكس ما يقرب من نصف سكان العالم، وأكثر من 30% من اقتصاد العالم، وأكثر من 50% من النمو الاقتصادي العالمي، فتزداد قوة المجموعة وتأثيرها وإمكانيتها الكامنة بشكل كبير. وتتفاءل الدول النامية بآفاق مجموعة بريكس، وتتطلع بشدة إلى دور أكبر لها في صون السلام العالمي ودفع التنمية المشتركة وتحسين الحوكمة العالمية.
حضر الرئيس شي جين بينغ قمة قازان وألقى فيها كلمة مهمة، حيث أوضح بعمق الاتجاه والمبادئ الأساسية لـ"تعاون بريكس الموسع"، وفقا للوضع الجديد الذي يواجه مجموعة بريكس بعد التوسع، وأشار إلى أن ما يجمع دول بريكس هو مساعيها المشتركة. كلما زادت شدة الرياح والأمواج للعصر، زادت الضرورة للوقوف في الصف الأول لبناء مجموعة بريكس، لأن تصبح القناة الرئيسية لتعزيز التضامن والتعاون بين دول الجنوب العالمي والقوة الرائدة لدفع إصلاح الحوكمة العالمية، التزاما بعزيمة لا تتزعزع والجرأة على الريادة والحكمة لمعرفة التغيرات والتكيف معها.
كما أوضح الرئيس شي جين بينغ الدعوة الصينية لدفع التنمية عالية الجودة لـ"تعاون بريكس الموسع"، تماشيا مع تغير المعادلة الدولية واتجاه التنمية العالمية، مشيرا إلى ضرورة العمل على بناء مجموعة بريكس المسالمة والمبتكرة والخضراء والعادلة والإنسانية والثقافية، والعمل على الحفاظ على الأمن المشترك، وريادة التنمية عالية الجودة، وتطبيق التنمية المستدامة وقيادة الإصلاح لنظام الحوكمة العالمية وتكريس التعايش السلمي والمتناغم بين مختلف الحضارات. وتتماشى هذه النقاط الخمس المذكورة مع دعوة الصين لبناء عالم يسوده السلام الدائم والأمن السائد والازدهار المشترك والانفتاح والشمول والنظافة والجمال، وتشكل المقومات الجوهرية لمفهوم مجتمع المستقبل المشترك للبشرية. وأعلن الرئيس شي جين بينغ عن الإجراءات الصينية الثمانية لدعم التنمية عالية الجودة لتعاون بريكس، مما يرسخ أركان "تعاون بريكس الموسع"، ويرفع مستوى التعاون بشكل كبير. من جانبه، ألقى الرئيس عبد الفتاح السيسي كلمة في القمة، حيث اتفق مع دعوة الرئيس شي جين بينغ، وأكد على حرص مصر على توثيق التواصل والتعاون مع الصين وغيرها من دول بريكس، لمواجهة سويا التحديات العالمية، وتوظيف دور آلية بريكس للحفاظ على الأمن والاستقرار ودفع التنمية الاقتصادية العالمية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة قدر الإمكان.
فيما أبدى أكثر من 30 دولة رغبتها الشديدة للانضمام إلى مجموعة بريكس، أكد الرئيس شي جين بينغ أنه يجب على دول بريكس الالتزام بغايتها الأصلية المتمثلة في الانفتاح والشمول والتعاون والكسب المشترك، والتجاوب بنشاط مع نداءات الجنوب العالمي، والترحيب بمشاركة المزيد من الدول في قضية بريكس بأشكال متنوعة. بفضل الجهود المشتركة، توصلت قمة قازان إلى توافق بشأن دعوة دفعة جديدة من الدول لأن تصبح شركاء بريكس، ويعد ذلك تقدما مهما آخر في مسيرة بريكس بعد توسعها في العام الماضي. لقد زاد التمثيل لمجموعة بريكس، وأصبحت قوة استراتيجية لبناء نظام الحوكمة العالمية الأكثر عدلا وعقلانية، وهي مختلفة تماما عن تلك "المجموعات الضيقة" و"الدوائر الصغيرة" التي تتشبث بعقلية الحرب الباردة وتثير المواجهة بين المعسكرات.
3. س: هل يمكن القول إن قمة بريكس هذه تشكل قوة دافعة هائلة لتحقيق رؤية الجنوب العالمي؟
ج: يمثل الصعود الجماعي للجنوب العالمي علامة بارزة للتغيرات الكبيرة في العالم. ويشكل الجنوب العالمي، باعتباره تجمعا لدول الأسواق الناشئة والدول النامية، أكثر من 40% من اقتصاد العالم، وهو بصدد تغيير الخارطة الاقتصادية العالمية بشكل عميق، وقد أصبح قوة مستقرة ومسالمة ومتقدمة لإصلاح النظام العالمي. في ظل تسارع التغيرات غير المسبوقة منذ مائة عام، كلما زادت الأوضاع الدولية تعقيدا، يجب على الجنوب العالمي الالتزام بالاستقلال والتضامن والتعاون، والسير قبل الآخرين في بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية.
على هامش هذه القمة، حضر أكثر من 20 من قادة أو ممثلي الدول المدعوة من آسيا وإفريقيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية و6 رؤساء منظمات دولية حوار "بريكس+". وقال الرئيس شي جين بينغ في كلمته إن التقدم المشترك لدول الجنوب العالمي نحو التحديث يعد حدثا كبيرا في تاريخ العالم وإنجازا غير مسبوق في مسيرة الحضارة البشرية، غير أن طريق النهضة للجنوب العالمي لن يكون مفروشا بالورود. فيجب على دول بريكس، باعتبارها كتلة رائدة في الجنوب العالمي، إظهار الإرادة الجماعية والالتزام بالسلام، لتكون قوة مستقرة للحفاظ على السلام؛ يجب دفع التنمية، لتكون القوة الأساسية للتنمية المشتركة؛ يجب إنهاض الحضارات، لتكون القوة الدافعة للتواصل والاستفادة المتبادلة بين الحضارات. وتتطابق هذه النقاط الثلاث مع ما طرحته الصين من مبادرة الأمن العالمي ومبادرة التنمية العالمية ومبادرة الحضارة العالمية، وتتجاوب مع الحاجات الملحة للجنوب العالمي للسلام والتنمية والتعاون، وتعكس الجهود المشتركة للدول لتكريس لتحقيق التعددية التعايش السلمي والدفاع عن العدالة والإنصاف الدوليين. من جانبه، سجل الرئيس عبد الفتاح السيسي تقييما إيجابيا لنمط التعاون "بريكس+"، الذي أطلقه الرئيس شي جين بينغ، وقد أصبح منصة مهمة لتعزيز التعاون بين دول الجنوب، معتبرا أنه في ظل تعرّض العالم لتهديد الأحادية والحمائية، يجب على الدول النامية التضامن مع بعضها البعض، والدفع بإقامة نظام الحوكمة العالمية الأكثر عدلا وعقلانية.
كما أكد الرئيس شي جين بينغ أن الجلسة الكاملة الثالثة للجنة المركزية الـ20 للحزب الشيوعي الصيني أصدرت توجيهات منهجية لمواصلة تعميق الإصلاح على نحو شامل ودفع التحديث الصيني النمط، الأمر الذي سيوفر بكل التأكيد المزيد من الفرص لدول العالم ويشجع دول الجنوب العالمي على دعم بعضها البعض في استكشاف طريق التحديث الذي يتناسب مع ظروفها الوطنية، والعمل سويا على تحقيق التحديث في العالم بأسره. ولا بد من الإشارة إلى أن الصين لا تضيع وقتها في الأقوال، بل تهتم بالأفعال على الأرض. من الدورة الثالثة لمنتدى "الحزام والطريق" للتعاون الدولي إلى المؤتمر بمناسبة الذكرى الـ70 لإصدار المبادئ الخمسة للتعايش السلمي، من الاجتماع الوزاري العاشر لمنتدى التعاون الصيني العربي إلى قمة بكين لمنتدى التعاون الصيني الإفريقي، أثبتت هذه الفعاليات الدبلوماسية الكبيرة للصين اهتمامها الدائم بالجنوب العالمي وتعاونها الدائم مع الجنوب العالمي. وشاركت مصر، بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، جميع هذه الفعاليات التي أقامتها الصين. بالإضافة إلى ذلك، عملت الصين ومصر سويا على تعزيز السلم والأمن في الشرق الأوسط، وبذلتا جهود الوساطة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ودفعتا المصالحة الوطنية الفلسطينية، وقدمتا المساعدات الإنسانية للاجئين والنازحين في غزة. ويدل كل ذلك على أن العلاقات الصينية المصرية قد تجاوزت البعد الثنائي وضخت الطاقة الإيجابية في تنمية الجنوب العالمي. ونتطلع إلى انتهاز فرصة قمة قازان لمواصلة تعزيز التواصل والتعاون الاستراتيجي مع مصر، والقيام بدور رائد ودائم في القضية العظيمة المتمثلة في حشد قوة الجنوب العالمي وخلق مستقبل أفضل للبشرية.
4. س: عقد الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس شي جين بينغ لقاءا ثنائيا على هامش قمة بريكس، وهو لقاء ثان بين الرئيسين في العام الجاري. هل يمكنكم تسليط الضوء على التوافقات المهمة التي خرجت عن المحادثات؟
ج: في 23 أكتوبر، التقى الرئيس شي جين بينغ بالرئيس عبد الفتاح السيسي على هامش قمة بريكس في قازان. كما قلت، إنه اللقاء الثاني بين الرئيسين بعد زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الصين في مايو الماضي. ويصادف هذا العام "عام الشراكة الصينية المصرية" والذكرى العاشرة لإقامة الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين، في هذا السياق، أشاد رئيسان بعمق الصداقة الصينية المصرية وإنجازات التعاون المثمرة في كافة المجالات. وقال الرئيس شي جين بينغ إن الصين تدعم بثبات جهود مصر في صون السيادة الوطنية والأمن والمصالح التنموية، مستعدة لأن تكون صديقا مخلصا وشريكا عزيزا لمصر، وتعملان على تحقيق التنمية المشتركة. ويجب على الجانبين مواصلة الدعم الثابت المتبادل، وتعزيز الثقة السياسية المتبادلة، وتعميق التعاون العملي، وبناء "الحزام والطريق" بجودة عالية، وتكثيف التواصل الشعبي، بما يدفع العلاقات الثنائية نحو هدف بناء المجتمع الصيني المصري للمستقبل المشترك في العصر الجديد. من جانبه، قال الرئيس عبد الفتاح السيسي إن الصين الصديق الأكثر إخلاصا لمصر والدول الإفريقية، وأعرب عن شكره للصين على المساعدات الغالية بأشكال مختلفة، كما عبر عن التزام مصر الثابت بمبدأ الصين الواحدة، وفهمها التام للأهمية القصوى لقضية تايوان بالنسبة للصين. وأعرب عن استعداد مصر للمواءمة العميقة بين استراتيجياتها التنموية مع مبادرة "الحزام والطريق"، بما يعزز التعاون العملي بين البلدين في كافة المجالات.
أعرب الرئيس شي جين بينغ عن التهاني والترحيب بحضور مصر للمرة الأولى لقمة بريكس كعضو رسمي، وأعرب الرئيس عبد الفتاح السيسي عن شكره للصين على دعمها لانضمام مصر إلى مجموعة بريكس بشكل رسمي. واتفق رئيسان على تعزيز التنسيق والتعاون في إطار بريكس، وزيادة تعزيز التمثيل والصوت للجنوب العالمي، وحماية المصالح المشتركة للدول النامية، والدفع ببناء نظام الحوكمة العالمية الأكثر عدلا وإنصافا.
كما تبادل الجانبان وجهات النظر حول الوضع الحالي في الشرق الأوسط. وقال الرئيس شي جين بينغ إن الصين تشعر بقلق عميق إزاء الوضع الحالي في الشرق الأوسط. ولا تتفق الحروب والاضطرابات في المنطقة مع مصلحة أي طرف. وتعد القضية الفلسطينية لب قضية الشرق الأوسط. وتكمن الأولوية في الوقت الراهن في التنفيذ الكامل والفعال لقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة ووقف إطلاق النار في غزة في أسرع وقت ممكن. ولا يمكن إيجاد حل شامل وعادل ودائم ومبكر للقضية الفلسطينية إلا بتنفيذ "حل الدولتين" على الأرض. وأشاد الرئيس شي جين بينغ بجهود مصر من أجل وقف إطلاق النار، حرصا على تعزيز التنسيق والتعاون مع مصر لوقف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في يوم مبكر، وتهدئة الوضع في المنطقة.
يسعدنا أن نرى أن الرئيسين توصلا إلى توافقات مهمة وجديدة خلال هذا اللقاء. بفضل القيادة المشتركة للرئيس شي جين بينغ والرئيس عبد الفتاح السيسي، تشهد العلاقات الصينية المصرية أفضل مراحلها في التاريخ، وتتنوع الفعاليات في إطار "عام الشراكة الصينية المصرية". في الآونة الأخيرة، حضر رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي قمة بكين لمنتدى التعاون الصيني الإفريقي نيابة عن الرئيس عبد الفتاح السيسي؛ التقى وزير الخارجية الصيني وانغ يي مع نظيره المصري بدر عبد العاطي والأمين العام لمجلس الأمن القومي يوسف علاء الدين؛ زار الصين على التوالي رئيس مجلس النواب حنفي جبالي ووزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي رانيا المشاط ووزير السياحة والآثار شريف فتحي، وغيرهم من كبار المسؤولين المصريين؛ زار مصر عدد من الوزراء والمسؤولين المحليين الصينيين. كما وقع العديد من الشركات الصينية على اتفاقيات التعاون مع منطقة تيدا للتعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين ومصر، وتم وضع حجر الأساس للمرحلة الثانية لمشروع حديقة هاير مصر البيئية مؤخرا. وزار مصر أسطول تابع للسلاح البحري الصيني، وحلق سرب الطائرات التابع للسلاح الجوي الصيني فوق الأهرامات، وأقيم معرض حضارة مصر القديمة بنجاح في الصين، وتبادلت مراكز الفكر الصينية والمصرية الزيارات بشكل مكثف. وسيشهد الجانبان عديدا من الفعاليات المهمة في غضون هذا العام، الأمر الذي سيدفع "عام الشراكة الصينية المصرية" إلى ذروة جديدة. وتحرص الصين على بذل جهود كبيرة ومشتركة مع مصر لتنفيذ التوافقات الجديدة بين الرئيسين، ودفع التنمية عالية الجودة للشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين إلى الأمام.